الخطاب الأميري الذي ألقاه سمو رئيس مجلس الوزراء في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث عشر لمجلس الأمة | ||
26 أكتوبر 2010 | ||
بسم الله الرحمن الرحيم (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )) الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ... أما بعد ، فإن خير ما نباشر به أعمالنا مع افتتاح هذا الدور البرلماني ، أن نتوجه إلى الباري عز وجل ، نسأله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا السداد والتوفيق ، لنكون على قدر المسئولية الملقاة على عاتقنا في استكمال مسيرة البناء الوطني . الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر وإذا كانت المادة (104) من الدستور تستوجب عند افتتاح دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة أن يتضمن الخطاب الأميري أحوال البلاد وأهم الشئون العامة التي جرت خلال العام الماضي ، وما تعتزم الحكومة إجراءه من مشروعات وإصلاحات خلال العام الجديد ، غير أنه يجدر بنا أن نعترف بداية بأن حصيلة الحصاد لم تبلغ القدر المنشود من الإنـجازات التنموية على مستوى القطاعات المختلفة بقدر ما شهدت على امتداد الدور التشريعي السابق من حراك عشوائي في الممارسة النيابية فيما تضمنه من استجوابات ومساجلات أشاعت أجواء غير مريحة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وهـو ما أدى إلى هـدر وقـت وجهد المجلـس والحكومة معا . وفي هذا الصدد ، فقد شهدت البلاد خلال العام المنصرم العديد من الأحداث والتطورات التي لا يمكن إغفالها أو تجاوزها ويمكن الإشارة إليها بما يلي :- ولعله من الإنصاف التنويه بالتحرك الجاد والخطوات الحكيمة التي قامت بها الحكومة في مواجهة تطورات هذا التصرف الخبيث ، واحتواء آثاره وتجنب ما كان يمكن أن يترتب عليه من أبعاد تطال النظام الاجتماعي والأمن الوطني . كما أنه لمن دواعي اعتزازنا أن نعرب عن بالغ الارتياح والتقدير للتجاوب الواعي والتعاون المأمول الذي أبداه الأخوة أعضاء مجلس الأمة والمواطنون جميعا وكذلك وسائل الإعلام المحلية إزاء الإجراءات الأمنية التي قامت بها الجهات المعنية المسئولة لتجنب تلك الفتنة البغيضة وسمومها المدمرة . ثانيا :- تتصدر مشكلة " المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية " قائمة الاهتمام على المستوى الرسمي ، وهي المشكلة الأكثر تعقيدا وتشابكا على الساحة المحلية . وقد قامت الحكومة بتكليف المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بما يضمه من أعضاء على درجة عالية من الاختصاص والخبرة والكفاءة بتشكيل لجنة معالجة أوضاع " المقيمين بصورة غير قانونية " لتوفير الآليات والأدوات الكفيلة بإيجاد الحلول الناجعـة للمشكلة بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة ، وقد انتهت اللجنة المكلفة من تقديم مقترحاتها العملية الكفيلة لمعالجة هذه المشكلة على نحو شامل يراعى كافة الاعتبارات الأمنية والإنسانية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية ، والحكومة في سبيل اعتماد هذه الحلول ومباشرة العمل على تنفيذها وهي تهيب بكافة السلطات ومؤسسات المجتمع وأفراده بالتعاون والعمل على اعتبار الحل لهذه المشكلة مشروعاً وطنياً شاملاً يشترك الجميع في إنـجازه وتحقيق أهدافه . ثالثا :- بعـض النتائـج الهامـة حـول سير العمــل ومـا تــم إنـجـازه بالمشروعـــات الحكومية لخطة التنمية السنوية:- القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية . موقف المتطلبات المؤسسية بخطة التنمية :- موقف إنـجاز المشروعات الإستراتيجية والتنموية القائدة :- ب – مجموعة المشروعات التنموية القائدة : والتي تقدم إسهامات هامة لدعم التحول إلى مركز مالي وتجاري ، وكذلك دعم شبكة الأمان الاجتماعي للمواطنين الكويتيين ، وتطوير وتحديث الخدمات العامة لهم خاصة الخدمات الصحية والتعليمية . وقد تعاونت السلطتان التنفيذية والتشريعية على إعداد المقومات التشريعية اللازمة لانطلاق عملية التنمية ، وتوجت هذه الجهود بإصدار وثيقتي الخطة التنموية متوسطة الأجل السنوية ، وقد حشدت الحكومة مواردها البشرية والمالية لتنفيذ مشروعات الخطة السنوية (2010/2011) وهو ما يشكل إحدى ركائز التفعيل الحقيقي لمنهج التعاون الإيجابي التنموي البناء بين الحكومة ومجلس الأمة لدعم جهود التنمية ، وتضم الخطة السنوية مجموعة من المشروعات الإستراتيجية والقائدة ، ومشروعات تنموية للجهـــات الحكومية حيث يتم تنفيذها وفق إطار زمني واضح ومحدد ، وهي تهدف إلى تحقيق مستهدفات وسياسات التنمية البشرية والمجتمعية وتطوير السياسات السكانية والصحية والتعليمية والسكنية والعلمية والمعلوماتية وشئون المرأة والشباب والفكـر والفن والثقافة . كما تهدف إلى تطور سياسات النمو الاقتصادي والقاعدة الإنتاجية ودعم وتوسيع دور القطاع الخاص وتطوير البنى التحتية وشئون البيئة وكذلك البنى الإدارية والتشريعية والمعلوماتية . وفيما يلي بعض ملامح خطة التنمية السنوية : الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر إن التزام دولة الكويت راسخ بنهجها الثابت في سياستها الخارجية التي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتسعى بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة إلى بذل كل جهد يسهم في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم . لقد تابعت دولة الكويت باهتمام بالغ تطورات مفاوضات السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي جرت مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية ونؤكد بهذا الصدد أن تعطل تلك المفاوضات جاء بسبب التعسف والصلف الإسرائيلي بالإصرار على سياسة التوسع الاستيطاني التي تشكل نسفا لكل الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام وإننا ندعو الأطراف الدولية وبصفة خاصة الولايات المتحدة بوصفها راعية لعملية السلام والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بأسره لتحمل مسؤولياتها بإنهاء الواقع المأساوي الذي يعيشه الأشقاء الفلسطينيون والضغط على إسرائيل لحملها على وقف الاستيطان وقبولها بقرارات الشرعية الدولية تحقيقا للسلام العادل والشامل والدائم الذي ننشده جميعا والذي لن يتحقق إلا من خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس انطلاقا من مبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية . لقد شهد العالم أزمة اقتصادية خانقة في العام الماضي طالت آثارها السلبية جميع الدول والشعوب وقد استطاعت دولة الكويت احتواء تداعيات هذه الأزمة والحد من انعكاساتها بفضل الجهود والتدابير المدروسة التي بادرت الحكومة باتخاذها منذ بداية الأزمة ، ولعل ما يدعو للارتياح ما تشهده الحالة الاقتصادية الدولية من مؤشرات ايجابية تبعث على التفاؤل إزاء مستقبل أفضل للإنسان في كل مكان . لقد كان للكوارث الطبيعية اثر مدمر على اقتصاديات العديد من الدول النامية ونـجم عنها خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات وقد كان من أبرزها الزلازل المدمرة التي ضربت كلا من جمهورية هاييتي الصديقة وجمهورية تشيلي الصديقة وكوارث الفيضانات التي تعرضت لها كل من جمهورية باكستان الصديقة وجمهورية اندونيسيا الصديقة ، وكذلك الحادث الفريد في تاريخ البشرية الذي تعرض له عمال احد المناجم في جمهورية تشيلي الصديقة ، ونـجو منه بعد طول معاناة ، ودولة الكويت إذ تشيد بالجهود الدولية التي قام بها المجتمع الدولي في مواجهة آثار تلك الكوارث ورفع المعاناة عن المتضررين منها ، فإنها كعهدها دائما لم تتأخر عن المساهمة في دعم تلك الجهود وتقديم المساعدات الإنسانية الممكنة التي من شأنها التخفيف من معاناة وآلام شعوب تلك الدول . إنه لجدير بنا في هذا اليوم ، أن نـجسد القدرة والسداد سبيلا لالتزامنا بمسئوليات الأمانة التي نحمل ، مؤكدين عزمنا وإصرارنا على متابعة مسيرتنا الوطنية في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات ، ومنابرها العامرة بمشاعل الديمقراطية التي ستبقى وهاجة على هذه الأرض الطيبة بإذن الله . جميعنا يعلم أن الديمقراطية في الكويت ، لم تكن فرضا ، وما جاءت من فراغ وهي ليست مكتسبا طارئا ، وإنما ولدت حية في وجدان أبنائها منذ وجودهم ليتحقق لهم هذا الإنـجاز الذي أرسى قواعده أهل الكويت جيلا بعـد جيـل ، ولتبقى الموروث الأمين على ما أكرمنا به الله من خير وفير ، حتى أصبحت مصدر فخر واعتزاز لنا أمام العالم كله ، وبإذنه تعالى ، ستبقى راسخة في مواجهة الرياح الدخيلة ثابتة في مسارها الوطني القويم ، فهي حصينة منيعة بكل أبنائها المخلصين ، وبأيدينا أن نحفظها أداة للوحدة تجمع وتؤلف وتوفق ، ولن نسمح بأن تكون أداة للفرقة والانقسام والضعف . الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر إننا جميعا مطالبون بالاستفادة من تجربتنا البرلمانية ، وعدم تكرار ما سلف من مبالغة في الخروج على الضوابط التي رسمها الدستور وأقرتها تشريعات العمل المؤسسي وذلك تحاشيا لنتائج باهظة الثمن ، وتجنبا لأحمال ثقيلة تنال من المكتسبات وتهدد الثوابت الوطنية . الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر تشهد منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص مرحلة بالغة الدقة والخطورة ، تعج بالصراعات والتجاذبات بأبعادها السياسية والاقتصادية والطائفية ، ومن الحكمة أن ندرك أننا لسنا بمعزل عن انعكاساتها وشرورها بما تنطوي عليه من مخاطر وتهديدات لأمننا الوطني ، الأمر الذي يوجب علينا أن نسد كل ثغرة يمكن أن يتسرب منها ما يعرض أمننا ووحدتنا للخطر ، وأن نعمل على تفويت الفرصة على من يريد ببلدنا شــرا ، وما أحوجنا والحال هذه ، إلى وقفة تأمل مع الذات نستنهض فيها القدرة على تصحيح المسار باستقامة القرار وتجسيد الوحدة والتلاحم ، وهو ما يضع المجلس والحكومة أمام مسئولياتهم التاريخية في العمل الجماعي باتجاه المحافظة على مقومات أمن الوطن في الحاضر والمستقبل . الأخ رئيس مجلس الأمة .... الموقر إن الكويت هي الأمانة التي عاهدنا الله جميعا على الوفاء بمسئولياتها ، وليس من سبيل إلا في تكريس دولة القانون والمؤسسات ، حيث لا صوت يعلو على القانون ولا تجاوز لسلطة على أخرى . إن علينا أن نحسن قـراءة معطياتنا ، ولتكـن خطواتنـا واثقـة متزنـة ، فـلا حاجـة بنا إلى الاندفـاع غير المحسوب في كل الاتجاهات ونحـن بأمـس الحـاجــة إلـى التعــاون ، وليــس مـن الحكمة أن نبالغ فــي الطمــوح بمعـزل عــن الواقــع وأن نهـدر الوقـت ونحــن أمـام مسئوليات كبرى فـي مرحلـة سـريعة الخطـى نحتـاج فيهـا إلـى إرادة واعيـة وقلـوب زاخرة بالإيمـان وعقـول عامـرة بالعلـم ونفوس مشرقة بالمودة ، ورابطة جامعة لنا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضـو تداعـت له سـائر الأعضـاء بالسهر والحمـى . ربنا سدد لنا خطانا ، وأصلح لنا أعمالنا ، وأجعل حاضرنا خيرا من ماضينا ، ومستقبلنا خيرا من حاضرنا ، وأسبغ على هذا البلد أمنا ونعيما مقيما . والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته ....
|
||
اطبع هذه الصفحة |